***
وبعد ساعتين من النوم .. استيقظ بسبب البرد .. حاول ان يجد شيء يشعره بالدفئ .. نهض ليسئل " أمه " ..
خاف من الظلام .. ومن الهدوء الذي يعم المكان .. شعر أنه يحتاج أيضًا الى الأمان !
ذهب إالى " امه " .. أيقظها وهو يرتجف .. فعرفت ماذا يريد !
أشارت اليه أن ينام ملتصقًـا بها ..
أحس بدفئ عندما فعل ذلك .. دفئ الأمان .. ودفئ الحب .. عندها تخلص من بعض مخاوفه .. ونام من جديد .
***
تسلل ضوء الصباح من خلف الجبال .. ونهضت الأغنام باحثة عن الأكل ..
وكان التيس الصغير : آخر من استيقظ .. نظر الى أمه البعيدة عنه .. ورأى الراعي يضع لهم " البرسيم " ..
وقف ! فهو ايضًا يحس بالجوع ! .. ركض الى أمه .. حاول ان يلتقم ثديها .. ولكنها لم تدعه يرضع منها .. فهي تريد أن تأكل !
وبعد أن فرغ الراعي .. ذهب و أمسك بأم التيس .. لكي يرضع ولدها منها ..
رضع الى أن احس بالشبع .. فابتعد عن أمه .. وذهب ليستكشف الاشياء حوله ..
وببراءة بدأ يقفز من مكان الى مكان .. يتوقف ثم يجري.. يدخل بين العنزات ..
أحس بسعادة وهو يقوم بهذا الفعل .. نسي ما كان يفكر فيه بالأمس ..
فقد وجد ماينسيه ... " اللعب "
***
في عصر كل يوم : كان خالد يأتي ويلعب مع هذا التيس .. غير اسمه .. فسماه " خالد " من شدة حبه له ..
و أيضًا تأتي " أفنان " مع اخوها الصغير.. وكان التيس يحبهم كلهم .. فهم يلعبون معه .. ويحملونه .. ويقدمون له الطعام ..
كان يحس بالسعادة .. فهو و إن وجد اشياء تحزنه .. إلا انه يشعر بأن الجميع يحبونه ..
فرح لأنه " حي " فرح لأنه محبوب .. حتى من البشر .. الغرباء الطيبون ..
***
مرت أشهر على هذا الحال .. زاد حجمه وتغير كثيرًا
اختفت البراءة من ملامحه .. ولكنها باقية في عينيه ..
لم يعد يرى " أفنان " ولا خالد .. واخوهم الصغير !
اشتاق لهم ..
حن للأيام الماضية عندما كان يلعب معهم ..
حزن لفراقهم ..
كان يراهم احيانًا .. في احلامه !
ولكنه ايضًا مشغول بنفسه .. فـ احتياجاته زادت .. واصبح يتوجب عليه الصراع ... لكي يعيش !
" استقل " عن امه منذ مدة .. وفقد دفئها ..
***
أحب " جفره " تصغره باسبوعين .. وكان غالبًا مايقضي وقته معها ..
هو وان كان يفعل فعل الكبار ...
الا انه في الحقيقة يريد أن يعوض ما فقده من أمه .. فدفئ شريكته .. يذكره بدفئ أمه .. ومرافقته لها .. يذكره بمرافقة أمه في ايامه الاولى ..
ربما بارتباطه بالجفرة .. خف حنينه الى أيام " الطفولة " .. ولكنه لم يستطيع التخلص من هذا الحنين ..
قال لنفسه : الماضي لا يعود ! .. وأنا اسير للأمام .. فلماذا أحن اذن ؟
بكى .. وقال اتمنى لو أنني أرى " خالد و أفنان " فربما بوجودهم .. احيا نفس حياتي في الماضي ..
لا ادري ماذا أريد .. قال لنفسه ..
هل اريد الحب ؟ .. هل فقدت الحب ؟ لماذا انا متعلق بالماضي ... مالذي ينقصني ؟
أين هم ؟ .. هم يحبونني .. فلماذا لا يأتون لرؤيتي .. هل نسوني ؟ !
..
لم يعلم أنه بسبب كبره .. انقطعوا عن زيارته ! .. فهو أصبح أكبر من أن يحمل .. أو يلعب معه ...